- محمد على كلاى ..أحد ضحــايا الشلل الرعاش
- أدوية الشلل الرعاش لعبة ..فى حاجة إلى لاعب ماهر
قد يصاب الإنسان برعشة واهتزاز فى أطراف الجسم،وقد تصاحبه هذه الأعراض إلى نهاية العمر ،ونحن نطلق عليها اسم الشلل الرعاش والطب يؤكد خطأ هذه التسمية .
فما هو هذا المرض ؟ وما أسبابه وطرق علاجه؟
حول هذا الموضوع كان لنا هذا اللقاء مع الدكتور /محمد سليمان الطماوى أستاذ أمراض المخ والأعصاب بكلية طب القصر العينى وعضو الأكاديمية الأمريكية للأمراض العصبية والحائز على جائزة الدولة التقديرية فى الطب حيث قال :
تسمية هذا المرض بالشلل الرعاش تبدو أحيانا تسمية خاطئة خاصة بالنسبة للأخصائي ,وذلك لأن هذا المرض لا يبدأ بشلل حقيقي ،فحركة الإنسان لا تكون ضعيفة بقدر ما هي بطيئة ،كذلك قد لا يصاحب هذا المرض رعشة فلا يصيب المريض سوى بطء الحركة وتيبس العضلات بدون أى رعشة.وتغلب العلماء والأطباء على الخطأ فى التسمية (الشلل الرعاش )بإطلاق إسم(مرض باركنسون) على هذا المرض فى العالم كله ،وفى جميع المراجع وذلك نسبة إلى الطبيب الانجليزي (جيمس باركنسون) أول من وصف هذا المرض بطريقة علمية فى مقالته الطبية الشهيرة عام 1817.ومرض باركنسون (الشلل الرعاش)من أهم أمراض المخ والأعصاب التى حيرت العلماء والأطباء دهراً كبيرا.وترجع أهمية هذا المرض إلى أن المريض يستمر على العلاج سنوات عديدة قد تمتد إلى عمره كله ..ومن هنا سنحاول معا التعمق فى أسرار هذا المرض لمعرفة أسبابه وبالتالي طرق علاجه.
ثلاثية المرض
أهم الأعراض تتكون من ثلاثية أساسية تتمثل فى بطء الحركة ،وتيبس العضلات وهبوط أو فقدان الانفعالية والتلقائية (الأوتوماتيكية) فبالنسبة لبطء الحركة نجد أن الشلل الرعاش أساسا من أمراض الجهاز الحركى،فالحركة فى هذا المرض لا تكون ضعيفة بقدر ما هى بطيئة خاصة فى المراحل الأولى للمرض،وقد تصاحب هذا البطء رعشة أو اهتزاز خاصة فى الأطراف ،ومن هنا جاءت التسمية التى يشتهر بها هذا المرض (الشلل الرعاش) والرعشة أو الاهتزاز تحدث بمعدل من 4-7 فى الثانية وعادة ماتأخذ فى الأصابع وصفا مشهورا يشابه الحركة التى يتم بها عد الأوراق النقدية أو التسبيح ومن أهم خصائص الرعشة فى هذا المرض أنها تقل أثناء الحركة الفعلية وتزداد بشدة فى وضع الثبات ،وتظهر بوضوح أكثر مع الضغوط النفسية والشد العصبى والقلق والتوتر ،كما أنها تختفي تماما أثناء النوم ،ومن خلال هذه الخصائص الإكلينيكة يستطيع الأخصائي تشخيص هذا المرض .
أما العرض الثانى والخاص بتيبس العضلات: فتوجد درجة وهذه الدرجة من التوتر أساسية لحركة الإنسان الطبيعية،ولكنها إذا زادت عن الحد فإنها تعوق الحركة ،وتزيد من بطئها ،وهذا هو مايحدث فى مرض الشلل الرعاش حيث تزيد درجة التوتر فى العضلات الإرادية إلى درجة كبيرة تصل إلى حد التيبس ،وغالبا ما يؤدى هذا التيبس إلى انثناء عام فى الجسم :فى الرقبة والذراعين والجذع والرجلين وهو ما يسمى علميا (وضع الغوريللا) وتكون خطوات المريض قصيرة وتحف بالأرض ،ونجد لخطواته صوتا ووقعا مميزين تماما ،وتلك الأعراض تساعد أيضا على تشخيص المرض بسهولة .
أما العرض الثالث وهو هبوط أو فقدان الحركات الانفعالية والتلقائية (الأتـوماتيكية ) فنجد أن الله خلق الإنسان ومعه نوع مهم من الحركات التى تتم أوتوماتيكية أو انفعالية لاإرادية مثل الضحك من القلب ,ومثل حركة الذراعين أثناء السير ،ومثل تتغيير قوة عدسة العين ومحور حركتها مع تغيير مدى الإبصار من هدف بعيد إلى هدف قريب (عند القراءة مثلا) فهذه الحركات وغيرها الكثير تتم بطريقة تلقائية لاإرادية ،ولكنها طبيعية تماما ومهمة بالنسبة لحياة البشر.وهذا النوع من الحركات يقل تدريجيا وقد يختفى تماما عند مريض الشلل الرعاش الذى يفقد القدرة على التعبير فيبدو جامد المشاعر ،وكأنه يرتدى قناعا،كما يفقد الحيوية والانفعالية فى صوته فيتحول فى حديثه إلى حديث خافت ذي وتيرة واحدة خال من العاطفة ،وقد يصل الأمر إلى حد الاكتئاب ويجد المريض صعوبة بالغة فى القراءة .
نقص الدوبامين
والسبب الرئيسي للإصابة بالشلل الرعاش هو نقص فى مادة معينة تسمى (الدوبامين) وتوجد فى (العقد القاعدية بالمخ ) ويؤدى نقص هذه المادة أو اختفاؤها إلى ظهور ثلاثية الأعراض التى سبق شرحها ولكن ..ما الذي يؤدى إلى نقص الدوبامين بالعقد القاعدية؟.قد يحدث ذلك نتيجة إلى أسباب وراثية تنتقل من جيل إلى جيل عن طريق الجينات الوراثية .مثل ما يعرف بمرض (ويلسون) والذى يمثل الشلل الرعاش واحدا من أهم مميزاته بالإضافة إلى إصابة الكبد وقزحية العين.كذلك قد يكون سبب الشلل الرعاش واضحا فى المريض أو فى البيئة مثل حالات إلتهاب المخ وتصلب الشرايين أو أورام المخ والتسمم بالمنجنيز (وهى مشكلة بالنسبة للعاملين بمناجم المنجنيز ) أو نتيجة للتعرض لخبطات متتالية ولفترة طويلة للمخ أو الدماغ ،وأشهر مثال فى هذا المجال الملاكمين المحترفين وأشهر مريض بالشلل الرعاش نتيجة لهذا السبب الملاكم الأسطورة (محمد على كلاى) هذه المجموعة من المسببات تسمى بالأسباب الثانوية، حيث يكون المرض نتيجة لسبب واضح يسهل تعليله..إلا أننا نتعجب إذا عرفنا أن أكثر واهم حالات الشلل الرعاش هى الحالات (غير معلومة السبب أو مجهولة السبب أو ما يسمى بالمرض ذاتى العلة وهذه المجموعة هى أكثرها شيوعا حيث تبدأ مادة الدوبامين فى الاختفاء تدريجيا من العقد القاعدية بالمخ مع منتصف العمر لتبدأ الأعراض فى الظهور وتزداد وضوحا من سن 40-60عاما دون وجود أى سبب واضح أو معلوم فى المريض أو فى البيئة حوله وهو ما يزيد هذا المرض غموضا ويضيف إلى أسراره التى يقف العلماء حائرين أمامها حتى الآن.
تعويض الدوبامين
وعلاج هذا المرض يعتمد على العقاقير الطبية والهدف الاساسى من استخدام هذه العقاقير هو العمل على زيادة مادة الدوبامين بالمخ باستخدام العقاقير تستلزم سنوات طويلة ،بل وعمر المريض كله لذلك من المهم أن يلتزم المريض على العلاج بانتظام وبكل دقة،وعلى الطبيب المعالج أن يستخدم الأدوية المعالجة لهذا المرض بحذق شديد حتى يتجنب حدوث آثار جانبية بقدر الإمكان.ومن الطريف ان بعض الأطباء يشبه استخدام الأدوية المتنوعة والعديدة للشلل الرعاش بأوراق الكوتشينة حيث يستخدم اللاعب الماهر كل ورقة فى توقيت سليم حتى لا يحرقها...وللمريض دور مهم فى تجنب العوامل التى تؤدى إلى زيادة الأعراض وهى الإجهاد وقلة النوم والقلق والتوتر والشد العصبى والبرد الشديد كذلك عليه تجنب استخدام بعض الأدوية والعقاقير التى تؤدى إلى زيادة الأعراض والتى يشيع إستخدامها فى كبار السن ،ومرضى تصلب الشرايين ..كالعقاقير التى تحتوى على مادى السيناريزين ،أو مادة البيراسيتام ...ومن الأدوية التى تساعد على التغلب على أعراض هذا المرض مضادات الاكتئاب والأدوية الباسطة للعضلات لمعادلة شدة التيبس بها هذا المرض ..والعلاج الطبيعى يساعد المريض على مشكلة السير وبطء الحركة بقدر الإمكان كما أن يساعد على مقاومة زيادة التيبس فى العضلات.
التدخل الجراحي
أما التدخل الجراحي فى علاج الشلل الرعاش فهو محدود للغاية ويحتاج إلى عناية فائقة فى انتقاء نوعية المريض الذى يمكن أن يستفيد من التدخل الجراحى والذى يجب أن يستوفى عدة شروط منها:
أن يكون صغير السن ،غير مصاب بتصلب الشرايين ،وأن يكون مصابا بالشلل الرعاش فى ناحية واحدة من الجسم ،وغير مطرد فى تطوره، وثبت فيه فشل الاستجابة للعلاج الدوائى .وهناك جراحة حديثة كثر عنها الحديث والقيل والقال فى الفترة الأخيرة وتدخل فى نطاق زراعة الأعضاء حيث يحاول العلماء استخلاص خلايا من الأجنة تقوم بزراعة مادة الدوبامين بأماكن نقص هذه المادة بمخ المريض ورغم كل ما قيل عن هذه العمليات فإنها لاتزال فى مجال التجربة ولم يثبت حتى الآن نجاحها بصورة قاطعة أو بصورة تسمح باستخدامها على مرضى الشلل الرعاش..